سحر محمد يسري
أعزائي ..الآباء والأمهات
إنّ التربية الإسلامية الجادة، هي أروع وأسمى ما يمكن أن يقدمه الوالدان لأبنائهما، وهي أيضاً أثمن تركة يمكن أن يرثها منهم الأبناء، وهي أمانة ومسئولية كبيرة أمام الله تعالى، عن ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ: مَاذَا أَدَّبْتَهُ، وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ" [ابن القيم، تحفة المودود، ص 137].
وعملية التربية لا تستقل بوقت خاص يحدده الوالدان، ولكنها تتم على مدار اليوم والليلة.. بل على مدار اللحظة، وفي المواقف المختلفة، والحوادث العارضة..
إن كل أب وأم ومربي يستثمر كل فرصة لترسيخ المعاني والقيم الدينية في نفوس أطفاله، وذلك من خلال الجلسات الحوارية الأسرية الهادئة، والتي لها أثرها البالغ في حياة الطفل، ولو كانت إحداها في بيان دلالات أسماء الله وصفاته، وبيان الحكمة من الصلاة، والصوم، وإعانة المحتاجين، - لكان في ذلك ترسيخ لمحبة الله سبحانه، وتعظيمه، وتوقيره، وترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم [هدى محمد نبيه: مقال أبناؤنا وعشر ذي الحجة.. وقفات تربوية – بتصرف].
ومن أفضل ما يكون أن يجد المربي الفرصة لتدريب الأبناء على العبادة:
فقد كان صلى الله عليه وسلم يعتني أشد العناية بتعليم الصغار وتدريبهم عملياً على العبادات، ففي الصلاة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع) [رواه أبو داود (495)] [جمال عبد الرحمن: أطفال المسلمين كيف رباهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ ص:102 بتصرف].
وفي الصيام:
عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة:"من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه"، فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار) [رواه البخاري (1960) ومسلم (1136)].
ولكي نحقق هذه الخِصال مع أطفالنا، ينبغي أن تكون لنا خُطوات أسرية إيمانية مدروسة، مثل:
التهيئة النفسية:
حيث تجتمع الأسرة في حلقة حول الأب، أو الأم، يقوم فيها ببيان عظمة الصلاة وأهميتها في حياة المسلمين، ومدى جزاء من حرص عليها وأتقنها، ويقوم الوالدان بعرض هذه المعلومات بأسلوب مشوِّق يتناسب مع الفئة العمرية للأبناء.
التعرف على بعض الأعمال:
مثل أداء الصلوات المفروضة على وجهها الأكمل، والتبكير لها، وإتمام ركوعها وسجودها، وتحقيق خشوعها، والحفاظ على السنن الرواتب، والإكثار من قراءة القرآن، والصدقات، وإعانة المحتاجين.
- وكذلك صيام ما تيسر من أيام فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"من صام يوما في سبيل الله بَعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا".
تعليم الإخلاص
تعليم الأبناء الإخلاص: فمن الكنوز التربوية تعليم الأبناء الإخلاص في العبادة، وخصوصاً في مواسم الخيرات وأوقات العبادة المكثفة، فقد تعتري نفس الصغير آفة العجب كما تعتري نفس الكبير إن لم يُوجَّه ويُنَبَّه لذلك، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في تلك الآفة عقب رمضان مثلاً، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يقولنّ أحدكم: صُمت رمضان كلّه، ولا قُمت رمضان كلّه"؛ لذلك يعمل الأب قدر الإمكان على تعليم أبنائه الإخلاص لله في كل عمل، فيذكرهم دائماً بأن العمل يجب أن يكون لله خالصاً، حتى وإن طلب منهم أن يخبروه عن أعمال الخير التي عملوها؛ إذ إن ذلك لطلب التنافس بينهم وليس للرياء ولكن نعلمهم أن يردّوا الفضل دائماً لله تعالى فيما وُفِّقُوا إليه من الطاعات، ونلقنهم قول الله تعالى:"وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" [هود: 88] [موقع، د.عدنان حسن باحارث:ملف التربية الأخلاقية، بتصرف].
وأخيراً أعزائي المربين..
لنتذكر جميعاً أن من أفضل ما نقدمه لأبنائنا، القدوة.. فليصحبونا وليلازمونا آباءاً وأمهاتٍ في البيوت والمساجد حال التعبد والقيام والإعلان بذكر الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
- موقع :قصة الإسلام: مقال/أبناؤنا وعشر ذي الحجة..وقفات تربوية.
- جمال عبد الرحمن:أبناء المسلمين كيف رباهم النبي صلى الله عليه وسلم؟
- تحفة المودود بأحكام المولود:ابن قيم الجوزية.
- موقع:د.عدنان حسن باحارث/ملف التربية الأخلاقية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق