د/ جاسم المطوع
لو اكتشفنا خطأ يفعله أبناؤنا أو بناتنا سرا فكيف نتصرف معه ؟ وخاصة إذا كان هذا الخطأ الذي اكتشفناه كبيرا كمحادثة ابنتنا مع شاب أو مشاهدة ابننا الأفلام إباحية أو التدخين ، ففي مثل هذه الحالات هناك خمس خطوات لا بد من فعلها لنحسن إدارة الموقف وعلاجه ،
الأولى : الالتزام بالهدوء والوضوء والصلاة حتى لا نندفع كثيرا في مواجهة الحدث ونفسد العلاقة التربوية بسبب ردة الفعل العنيفة ،
ثانيا : نتأكد من صحة الخبر الذي وصلنا ومن مصداقية مصدره حتى لا نبني أفعالنا على تخمينات أو أوهام ،
ثالثا : أن لا نوجه كل أصابع الاتهام لابننا ونحن نتحدث معه حتى نعطيه فرصة للتراجع عن خطئه ،
رابعا : لو أقر بالخطأ أن نعتمد مبدأ المسامحة عند المصارحة حتى نعطيه فرصة لتصحيح خطئه ،
خامسا : التعامل معه بمرونة بين شد وجذب في حالة تكراره للخطأ واستمراره فيه من غير أن نستخدم أسلوب الهجر الدائم أوالمقاطعة الطويلة أو الطرد من البيت مهما كان الخطأ الذي ارتكبه ، فهذه خمس قواعد مهمة عند اكتشاف سر لأبنائنا .
لكن السؤال الأهم هو : ما هي الأسرار التي يخفيها أبناؤنا علينا ؟
يذكر الدكتور جاسم المطوع ان الاسباب تنقسم الي قسمين الاول ما يكون الاباء سبباً فيه والثاني يكون بسبب الابناء انفسهم
التي يكون الاباء سببا في عدم مصارحة الابناء لهم هي:
- كثرة انشغال الوالدين وبعدهما عنه وعدم الاهتمام بتفاصيل حياته
- قلة محاورة الوالدين للأبناء والصمت عند اللقاء بهم والاجتماع معهم على الطعام أو في السيارة ،
- أو أن يكون الابن قد مر بتجربة سابقة مع والديه عندما كشف لهما عن سر خاص به ، ثم علم أنه افتضح أمره عند أهله أو في بيت جدته أو بين أصحابه وأحبابه
- كثرة عصبية الوالدين واعتماد أسلوب التربية بالصوت العالي ففي هذه الحالة لا يشعر الأبناء بالأمن والأمان فينعكس ذلك على شفافية العلاقة مع الوالدين
- عدم ثقة الأبناء بنضج والديهم
أما عدم كشفهم الأسرار بسببهم:
- المحافظة على السمعة والصورة الموجودة لدى الوالدين عن الابن فإذا ارتكب الابن خطأ كبيرا فلا يكشف سره لوالديه حتى يحافظ علي صورته
-أو قد يكون ارتكب ذنبا ويريد أن يستر على نفسه ولا يريد أن يكشف والداه ستر الله عليه ،
-أو أحيانا يكون الأبناء لديهم الرغبة بمصارحة والديهم ولكن لا يعرفون كيف يبدؤون الموضوع
- أو يخافون من ردة فعل والديهم القوية فيتعرضون للحرمان أو الضرب أو العقوبات الشديدة.
إذا اكتشف الوالدان سرا لابنهما فإن عليهما الستر عليه ومحاولة إصلاح الأمر
تأملوا هذه القصة التي في زمن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتحمل اساليب تربويه رائعة جدا :
أتى رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : إن ابنة لي كانت وئدت في الجاهلية ، فاستخرجتها قبل أن تموت ، فأدركت الإسلام ، فلما أسلمت أصابت حداً من حدود الله ، فعمدت إلى الشفرة لتذبح بها نفسها ! فأدركتُها وقد قطعتْ بعض أوداجها فداويتها حتى برئت ، ثم إنها أقبلت بتوبة حسنة ، فهي تُخطب إليّ يا أمير المؤمنين أفَأُخْبِرُ من شأنها بالذي كان؟ فقال عمر: أتخبر بشأنها ؟! تعمد إلى ما ستره الله فتبديه ! والله لئن أخبرت بشأنها أحداً من الناس لأجعلنك نكالاً لأهل الأمصار، بل أنكحها نكاح العفيفة المسلمة !
فهذا هو المنهج العمري في ستر عيوب وذنوب وأسرار البنات قبل الزواج وكذلك هذا المبدأ ينطبق على الشباب ، ولكن الجميل في القصة تفهم الوالدين السر الذي اكتشفوه في ابنتهم ومحاولة استيعابه وقت حدوثه وهذا أهم ما في الموضوع.
فكتمان الأسرار تربية نعلّمها أبناءنا من الصغر فنهمس في أذنهم قائلين : سنقول لكم سرا لا تخبروا به أحدا ، وبهذه الطريقة يعرفون وهم صغار ما معنى السر ، وقد قالها يعقوب عليه السلام لابنه يوسف ( قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا له كيدا) ومع كل هذه الاحتياطات كادوا له ، ولكن يوسف عليه السلام تعلم من تربية أبيه ومن هذا الدرس فكان يخفي ما في نفسه من معلومات وقت الحاجة ، وهذا ما حصل له بعد سنوات طويلة عندما جاءه إخوانه فقالوا له ( إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل , فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ....) فقد تعلم متى يخفي السر ومتى يبديه للمصلحة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق