ما اروع التفاؤل حين يصوغ حروفه الشاعر الكبير ايليا ابو ماضي كأنه يتحدث بما ينبغي ان يقال
في ديوانه الثالث "الخمائل" الذي نشره سنة1942 تظهر الدنيا من حوله زاهية مشرقة، وإن ادلهمت من جانب فلا تلبث أن تضيء وتنير من جانب آخر،وهو يدعونا أن لا نغتم ولا نبتئس حتى لو ابتأست الطبيعة نفسها، فالعمر قصير وحياتنا وشيكة الزوال وستنتهي إلى العدم، فحريٌ بنا أن نلقى الحياة مبتهجين، دون أن ننغصها بذكرى شباب تولى أو محبوبة خانت أو تجارة خسرت أو أعداء كشروا عن أنيابهم، وحتى كوارث الليالي وخطوبها يجب أن نلقاها بالتفاؤل والابتسام فيقول في قصيدته "ابتسم":
قال: السمـاءُ كئيـبةٌ وتجهَّـما قلت: ابتسم يكفي التجهٌّم في السَّما
قال: الصبا ولَّى: فقلت له ابتسم لن يرجعَ الأسف الصِّبـا المتصـرِّما
قال: التي كانت سمائي في الهوى صارت لنفسـي في الغرام جهنـما
خانت عهودي بعد ما ملَّكتـها قلبي، فكيـف أطيـق أن أتبـسَّما
قال: العِدَا حولي علتْ صيحاتهم أأُسرُّ والأعـداء حولي في الحمـى
قلت: ابتسم، لم يطلبوك بذمِّهم لو لم تكـن منهم أجلَّ وأعظـما
قال: الليالي جرَّعتـني علقـماً قلت: ابتسم ولئن جرعـت العلقما
واضحكْ فإن الشهب تضحك والدجــى متلاطـم، ولذا نحـبُّ الأنجـما
قال: البشاشة ليس تسعد كائناً يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغــماً
قلت: ابتسم ما دام بينك والرَّدَى شبرٌ، فإنَّــك بعدُ لن تتبـسَّما
فالناس إذن هي التي تنشر جو الحزن والكآبة حولها، بما يصورون لأنفسهم من سيئات الحياة وشرورها، يفكرون في الأمس الماضي ومحنه وفي الغد المقبل وظلمه، فعليهم أن يتخلصوا من هذه الهموم الثقيلة على صدورهم وتشيع في حياتهم الحزن والسواد والقلق والخوف، فنفس الإنسان هي التي تعكس له الحياة، إمَّا نقية جميلة، وإمَّا كدرة قبيحة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق