إنه
ومما لا شك فيه أن العودة إلى الذنب مرة أخرى أمر يُزعج كل إنسان صادق يُحب
الله ورسوله، لأن العودة إلى الذنب معناها انتكاسة، ويُصبح حال الإنسان
كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، بعد أن قامت بغزل ثوبها وأصبح جاهزًا
لكي يكون شيئًا مقبولاً ورائعًا، ويتم بيعه بثمن غالٍ وثمين؛ إذ بها تنقضه
مرة أخرى ليتحول إلى غزل كما لو لم يتم نسجه من قبل.
كذلك المعصية حتى وإن تاب العبد منها وقبل الله توبته، إلا أن عودته إلى المعصية بعد التوبة يكون أقسى على النفس من المرة الأولى، لأنه يشعر بأنه
ضعيف، وأنه خائر القوى، وأنه غير وفي وغير صادق، وتظل هذه المعصية تنغص
عليه حياته وتكدر عليه صفوه، خاصة بعد أن تاب، والأصل في التوبة إنما هي
الإقلاع عن الذنب فورًا، وعدم العود إليه مطلقًا.
ولذلك هذاالشعور المؤلم الذي نعاني منه إنما بسبب العودة، لعلنا تبنا إلى الله تبارك
وتعالى في المرة السابقة توبة نصوحا فغفر الله لنا وتاب علينا، وعندعودتنا
الآن الي الذنب سيكون الألم فيها نفسي أكثر من كونه شرعي، ولذلك يجب ان نعلم أن الحل في ايدنا نحن وليس في يد أي جهة أخرى.
فنحن الذين وقعنا في المعاصي أول الأمر، وهانحن قد انتفضنا على أنفسنا وقمنا
بثورة عارمة عليها، وقلنا لها (كفى يا نفسي عصيانًا وبُعدًا عن الله تعالى)
فأقلعت عن المعاصي وتوقفت عنها، وذقنا حلاوة الطهارة والنقاء والعفاف والبعد
عن المعصية، ولكنّنا ما فتئتنا حتى رجعنا إليها مرة أخرى.
لذلك لابد ان نعلم –جميعاً– أننا نحن القادرون على ترك المعصية،
والدليل على ذلك أننا قد تركنها وما زلنا تركنها فترة وإن كانت قليلة، فهذا
كأننا نقيم به الدليل على أنفسنا –أحبتي الكرام– بأننا قادرون على تركها، ولذلك علينا
بالمحاولة مرة أخرى وعدم الاستسلام مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات.
فما دمنا قد تركناها فترة وأصبحنا الآن لا نفعلها إلا في فترات متباعدة، فلنعلم
أننا نقيم الدليل على أنفسنا بأننا قادرون أن نتركها بالكليّة، ولكن علينا بالبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى ضعفنا امام المعاصي، فأنحن نعرف متى نكون
ضعفاء، ونعرف متى يزين لنا الشيطان، فلنجتهد في القضاء على هذه الأسباب
نهائيًا.
اخي الحبيب:
- فإذا كانت الخلوة هي التي تُسبب ذلك فلنحذر من الخلوة، وإذا كان إغلاق الباب
على أنفسنا هو الذي يزين لك ذلك فإياك وإغلاق الباب، وإذا كان الليل هو الذي
يحدث فيه ذلك فإياك وأن تكون وحدك بالليل، وإنما عليك أن تبذل كل سبيل لكي
لا يختلي بك الشيطان فيُفسد عليك حياتك، وإذا كان دخولك إلى الإنترنت بدون
ضابط أو قيد فعليك ألا تدخل إلى النت إلا لحاجة ضرورية ماسة تُحدد الهدف
الذي تريده قبل أن تدخل، فإذا ما انتهيت من الهدف الذي تريده خرجت فورًا
مُسرعًا.
- وهكذا يجب عليك أن تفعل ذلك، لأن الأخذ بالأسباب ضرورة حتمية وليس أمامك من
خيار فيها، وقد أمرنا أن لا نتبع خطوات الشيطان حيث قال سبحانه وتعالى:
{يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه
يأمر بالفحشاء والمنكر} ولن يُنقذك احد من المعصية إلا أنت.
- ثم عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعينك الله على التخلص
من هذه المعصية,
- كذلك عليك باستغلال أوقات الفراغ التي قد يضحك الشيطان
عليك فيها في القيام بأعمال طيبة أو أعمال مفيدة، وذلك كممارسة الرياضة أو مجالسة الصالحين أو طلب بعض العلم الشرعي، أو الاجتهاد في الدراسة والحرص
على أن تكون من أوائل الطلبة في عامك هذا،
-كذلك أيضًا الإكثار من النوافل
والإكثار من صيام أيام الاثنين والخميس (من السُّنَّة) كذلك أيضًا قيام
الليل.
- اجتهد أن تكون دائمًا على طهارة، حافظ على الصلوات في أوقاتها، حافظ على
أذكار الصلوات، حافظ على أذكار الصباح والمساء، إذا كانت لديك فرصة للصدقة
ولو بـلقليل في اليوم فلا تقصر، واعلم أنك بذلك -إن شاء الله تعالى–
سوف تتغلب على هذه المعصية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق