مفكرة الاسلام
أعزائي الشباب..
لماذا نهتم بكم ؟؟ لماذا الحديث دائماً وفي كل مقام عنكم ..عن الشباب ؟
..عند
الحديث عن إصلاح المجتمعات والنهوض بها..عند الحديث عن اكتشاف الطاقات
وتوظيفها..عند الحديث عن الارتقاء بالأخلاق والقيم..دائماً يكون الشباب هم
أبطال الحديث ومحوره الذي يدور حوله..!!
فلماذا كل هذا الاهتمام بالشباب ؟
عني
الإسلام بهذه المرحلة من العمر عناية خاصة، ووجهها للبناء والخير، وجنبها
الهدم و الشر. فهو يهدف إلى جعل هذه المرحلة من العمر (مرحلة الشباب) مرحلة
نهوض وتقدم على مستوى الفرد والجماعة.
وأنت
– عزيزي الشاب – وأنت تقرأ القرآن الكريم المنزل من رب العالمين لا يخفى
عليك أن فيه اهتماماً خاصاً بمرحلة الشباب، سواء في الثناء وذكر الإنجازات،
أو في الإرشاد والتوجيهات الخاصة بهذه المرحلة.
فالقرآن
الكريم يحدثنا عن الشباب بأنهم هم الذين اتبعوا الرسل وصدقوهم وآمنوا بهم،
فهؤلاء أتباع موسى (عليه السلام) يصفهم ربهم بقوله:"فما آمن لموسى إلا
ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض
وإنه لمن المسرفين" يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السلام مع ما جاء
به من البينات والحجج القاطعات، والبراهين الساطعات، إلا قليل من قوم فرعون
من الذرية وهم (الشباب)، لأن من آمن فهو معرض للإيذاء من فرعون وأعوانه،
أما هؤلاء الشباب الأقوياء فقد وطنوا أنفسهم على تحمل المتاعب والمشاق في
هذا السبيل، وهم يعلمون أن ما أصابهم في سبيل الله سبحانه وتعالى سوف
يلاقون عليه أحسن الجزاء.
كما
أن القرآن الكريم قد أثنى على فئة من الشباب الذين آمنوا بالله سبحانه
وتعالى وكافأهم على ذلك بزيادة الهدى حين قال سبحانه وتعالى "إنهم فتية
آمنوا بربهم وزدناهم هدى" والفتية في اللغة العربية هم الشباب.
وأتباع
النبي صلى الله عليه وسلم معظمهم كانوا من الشباب، فقد آمن به أبو بكر
الصديق رضي الله عنه وكان عمره نحواً من ثمان وثلاثين سنة، وعمر بن الخطاب
رضي الله عنه أسلم ولم يبلغ الثلاثين من عمره، وكذلك علي وعبد الله بن
مسعود، وسعيد بن زيد، ومصعب بن عمير، والأرقم بن أبي الأرقم، وخباب، وعشرات
غيرهم، بل مئات كانوا شباباً.
مميزات مرحلة الشباب
يشير
القرآن الكريم أن هذه المرحلة من العمر هي مرحلة القوة التي يعيشها
الإنسان بين مرحلتي ضعف، كما في قوله سبحانه وتعالى "الله الذي خلقكم من
ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بد قوة ضعفاً وشيبة" .
ولذلك يُسأل عنها المسلم سؤالاً خاصاً إذا وقف للحساب بين يدي اله تعالى يوم القيامة، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن
أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين
اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه".
فضيلة الشاب العابد:
رفع
صلى الله عليه وسلم من قدر الشباب الذين ينشئون على طاعة الله سبحانه
وتعالى، وبين أن لهم مكانة عالية عند الله سبحانه وتعالى، عن أبي هريرة رضي
الله عنه أنّ رسول صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم
لا ظل إلا ظله: إمام العادل، وشاب نشأ في طاعة الله سبحانه وتعالى..." – رواه البخاري ومسلم -
أعزائي
..لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أقدر الناس على فهم الشباب واحتوائهم،
وحسن توجيههم إلى سبيل الرشد والصواب، وما يرضي الله عز وجلّ، وإليكم جانب
من مشاهد رعايته صلى الله عليه وسلم للشباب:
كان يتعهدهم بالوصايا:
والوصية
من الكبير إلى الصغير أو الشاب الذي لا يزال في مقتبل العمر يكون لها أكبر
الأثر في نفسه، ومن ذلك وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله
بن عباس رضي الله عنهما، قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً
فقال:"يا غلام! إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك،
إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت
على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على
أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت
الصحف" .
هذه
وصية عظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمه الغلام الشاب "ابن
عباس"، وصية يتكفل الله سبحانه وتعالى لمن عمل بها أن يحفظه في أموره كلها،
ومن جملتها أعز ما يملكه الإنسان إيمانه بربه، فيحفظه الله سبحانه وتعالى
من الشبهات المضلة، ومن الشهوات المحرمة. ويدخل في هذا الحفظ أيضاً حفظ
الشاب في ماله وبدنه وأهله وكل أموره.
ويعاملهم بالتقدير والاحترام:
من
عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب ما كان يعاملهم به من التقدير
لحقوقهم والاعتراف بمكانتهم، ويدل على ذلك ما يرويه سهل بن سعد الساعدي رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه
غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: (أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام
لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا قال فتله رسول الله صلى
الله عليه وسلم في يده). فلم يحتقر الرسول صلى الله عليه وسلم الغلام لصغر
سنه بل اعترف له بحقه الذي شرعه له الإسلام لأنه عن يمين الرسول، فاستشاره
في تقديم الشراب إلى من هو أكبر منه، ومن له مكانة عند المسلمين، إلى أفضل
هذه الأمة بعد نبيها وهو أبو بكر الصديق (رضي الله عنه). فآثر الغلام أن
يشرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم
فشرب.
ويهذب حماسهم؛ فيردهم إلى السُنَّة والاعتدال:
وفي
إطار عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب النابعة من فهم عميق بخصائص
هذه المرحلة نجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يغفل عن ضبط حماسهم وتوجيههم
إلى ما يتناسب وطبيعة أعمارهم. ويدل على ذلك قصة الشباب الثلاثة الذي
أبدوا حماساً في العبادة، كما يروي ذلك أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء
ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي
صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي
صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما
أنا فإني أصلي الليل أبدا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر:
أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له
لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" كل
ذلك شفقة من الرسول صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الشباب الذين عزموا على
ترك بعض ما أحل الله لهم والاجتهاد في طاعة الله سبحانه وتعالى.
ويحل لهم مشكلة الشهوة :
كما
نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب فئة الشباب ويوصيهم بوصية عظيمة
بقوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر
وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، ففي هذا التوجيه
النبوي صيانة للشباب من فساد السلوك والوقوع في الإثم، الذي في الغالب يكون
يسببه من الدافع الجنسي، فيوجه الشباب إلى أن من قدر على تكاليف الزواج
فعليه بالمبادرة، حتى تهدأ نفسه وتسكن شهوته، و من لم يستطع فعليه بالصوم،
فإن الصائم يمتنع عن الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، مما
يسبب له الإحساس بالجوع، والجوع يضعف الشهوة الجنسية عند الإنسان، وبهذا
يسلم الإنسان من عواقبها السيئة.
وأخيراً عزيزي الشاب
اعرف
قدر نفسك جيداً، ولا تقلل منها، فأنت في أفضل مراحل العمر قوةً و أكثرها
حيوية؛ فاستوص بها خيراً وتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم لك باغتنام
هذه المرحلة من عمرك وما فيها من خير عن
بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو
يعظه : " اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل
فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك " - صححه الألباني في صحيح الجامع رقم ( 1077 ) -
0 التعليقات:
إرسال تعليق