روائع مدينة الاحلام

الجمعة، 7 نوفمبر 2014

التصنيف:

اعظم مصيبة




خالد ابو عمر

 
حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اظلمت المدينة و اكفهر وجهها المشرق وانقسم الناس الي مصدق ومكذب وساد الهرج والمرج فالمصاب عظيم والمصيبة أكبر من ان يتحملها الناس كيف يمكن ان يتخيل الصحابة الكرام العيش بدون معلمهم وهاديهم ومرشدهم ومصدر سعادتهم من اذا ضاقت بهم السبل هرعوا اليه ومن اذا دلهمت الخطوب لاذوا به من كان السبب في انتشالهم من ظلمات الغواية والرذيلة الي ارقى مراتب الاخلاق وارفعها ...
فلا عجب ان يكون اول المنكرين لموته الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه لنعلم حجم المصاب وعِظم البلاء الذي اصاب المسلمين يومها ومازال مصابهم بموته صلى الله عليه وسلم حتى تقوم قيامة البشر وصدق حسان شاعر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حين قال:
وما فقد الماضون مثل محمد * ولا مثله حتى القيامة يفقد
كاد المسلمون ان يتناحروا بينهم لولا ان ثبت الله ابا بكر الصديق رضي الله عنه وارضاه فثبت المسلمين بخطبته المشهورة حين قال لهم بكل ثبات " من كان يعبد محمداً فان محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت وتلا عليهم قول الله تعالى "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا. وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ"
فكانت كمن يطفى النار بالماء حتى قال بعضهم والله لكأن هذه الآية انزلت يومنا هذا ..
موته صلى الله عليه واله وسلم اكبر المصائب واعظمها واثقل الرزايا على الامه المسلمة فقد قال بأبي وامي هو " إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ ، فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي ، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ "
تأملت في الحزن الذي اصاب الصحابة الكرام حين وصل اليهم نباء وفاته صلى الله عليه وسلم حتى ان بعضهم كما ذكرت انه انكر ذلك اشد الانكار والبعض الاخر ما استطاع الوقوف على رجليه من هول ما سمع واخرين اصابهم الذهول الشديد حتى عجزوا ان يتكلموا بكلمه او ان ينطقوا بحرف لا يمكن ان تكون ردة الفعل هذه نابعه الا من محب مخلص في حبه لحبيبه فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيبهم بصدق لانهم عرفوا ماذا تعني المحبة الحقيقية فكان مصاب الفقد للمحبوب عظيماً.
اصل المحبة الاتباع وهذا ما فهمه اسلافنا وعاشوا عليه فشعروا بعظم وهول فقدان رسول الله صلى الله عليه وسلم
اما نحن فنعيش المحبة بعيدا عن معناها الحقيقي نعيشها كلاماً بأفواهنا فقط بعيدا عن الاتباع الصادق له والسير على منهجه كما اراد لنا فلا غرابة اننا لا نشعر بمصيبة فقده وموته صلى الله عليه وسلم للاسف.
وفي الختام ما اروع ما قاله نزار قباني في رثاء المصطفى عليه الصلاة والسلام: 

أدنوا فأذكر مـا جنيـت   فأنثنـي      خجـلا تضيـق بحملـي الأقـلام 
أمن الحضيض أريد لمسا للـذرى     جـل المقـام فـلا يطـال مقـام 
وِزْرِي يكبلني ويخرسني الأسـى     فيموت في طرف اللسـان كـلام 
يممت نحوك يـا حبيـب الله فـي      شوقٍ تقـض مضاجعـي الآثـام 
أرجو الوصول فليل عمري        غابـة أشـواكـهـا ... الأوزار والآلام 
يا من ولدت فأشرقـت بربوعنـا        نفحات نـورك وانجلـى الإظـلام 
أأعود ظمـآنٌ وغيـري يرتـوي          أيراد عن حـوض النبـي هيـام 
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى والنفس حيرى والذنـوب جسـام


اللهم الحقنا به من الصالحين

الموضوع مستوحى من خطبة الجمعه في جامع الحي الذي اعيش فيه.

الي اللقاء





0 التعليقات:

إرسال تعليق