الخبيرالتربوي والاجتماعي
---
يحكي الدكتور محادثة كانت بينه وبين احد اولياء الامور القلقين على ابنائهم في هذه الايام
قال: كيف أجعل ابني صالحا محافظا على صلاته، بارا بوالديه يهتم بشأن المسلمين ويساعدهم؟
قلت: أنت تسأل عن أمنية عظيمة يتمناها كل الآباء والأمهات، وحتى تحقق هذه المعادلة الرباعية تحتاج لأمرين:
الأول: أن تتابع طفلك تربويا وتغرس فيه هذه القيم من صغره إلى أن يكبر،
الثاني: أن تكون قدوة حسنة له، فيشاهدك إنسانا صالحا، ومحافظا على صلاتك، وبارا بوالديك، وتخدم المسلمين، لكن أن تتمنى أمرا، ولا تكون أنت أول من يحقق أمانيك، فلا تتوقع أن يكون ابنك كما تريد.
قال: ولكن التربية الدينية التي نتمنى تحقيقها اليوم صارت صعبة جدا، خاصة مع تغير طبيعة الحياة التي نعيشها، فقد ينشأ الطفل في بيت صالح، ولكن ليس بالضرورة أن تكون العائلة كلها صالحة، فيتأثر بسلوكيات أبناء عمه أو خالته أو أقربائه، أما المدرسة فهي تحد آخر لا نستطيع السيطرة عليه، وإذا نجحنا في ضبط المناخ العائلي والمدرسي فلا نضمن أن ننجح في التحكم بتأثير الأجهزة والوسائل التكنولوجية، وإذا تجاوزنا هذا كله يأتيك تحد لم نكن نتوقعه يوما ما، وهو أننا صرنا نخاف أن يصادق ابننا زملاء ملتزمين بالدين من كثرة ما نسمع ونشاهد من أفكار خاطئة وتشويه لصورة الإسلام والمسلمين، حتي زوجتي صارت تخاف أن يذهب ابني وحده للمسجد!!.
قلت له: ولماذا هذا الخوف عند زوجتك؟
قال: لأنها تتابع الأخبار دائما وتقرأ الجرائد، وكل يوم تقرأ قصة أو تشاهد خبرا مضمونه أن بعض الجماعات التي فهمت الإسلام فهما خاطئا تستقطب الشباب الصغار لتجندهم، أو يتعرف على شلة المخدرات سواء بالحي أو بالمدرسة فيتطرف، أو أن يحبس بالبيت ويدمن على الأجهزة فيكون متطرفا من نوع آخر.
قلت له: طالما أنك تخاف على ابنك من ثلاثي التطرف هذا (الديني، والمخدراتي، والتكنولوجي)، فلا بد من مواجهة هذه الثلاثة بثلاثة إجراءات تربوية مهمة لتحمي ابنك من الانحراف والتطرف:
التطرف الاول: الديني وعلاجه
الأول: أن تكون ملازما له ومتابعا لسلوكه وأفكاره:
وهذا يتطلب منك أن تفرغ الكثير من وقتك من أجله، وتكثر من الحوار معه، وأن تبني العلاقة معه على أساس الصداقة لا العداوة فيحبك، وإذا أحبك فتح لك قلبه واستطعت أن تفهم وتعرف ما يدور في نفسه، والأمر
الثاني: أن تكون قدوة صالحة له:
فالأطفال يتأثرون بالمشاهدة والسلوك الذي تمارسه أكثر من تأثرهم بالكلام والنصائح.
الثالث: (التوعية المبكرة):
فتتحدث مع ابنك عن أنواع التطرف الثلاثة: فالأول التطرف الديني فتضرب له أمثلة في الفهم الخاطئ للإسلام سواء من أيام النبي «صلى الله عليه وسلم» مثل قصة الثلاثة الذين لما رأوا عبادة النبي «صلى الله عليه وسلم» تقالوها (رأوها قليلة)، فقال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم الليل ولا أنام، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج، فنهاهم رسول الله «صلى الله عليه وسلم» عن هذا الفهم الخاطئ فَقَالَ: (أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)، أو أن تذكر لابنك قصصا عن التطرف الواقعي الذي نعيشه، وتذكره بقول الله تعالى: (وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس). فلا نكون شهداء على الناس يوم القيامة حتى نكون معتدلين في فهم الدين.
التطرف الثاني: المخدراتي وعلاجه:
تتحدث معه عن المخدرات وتضيف عليها قضايا الشذوذ والإلحاد فيكون على وعي ودراية بالأفكار والأشياء التي تدمر الإنسان، وإني أعرف أبا طبّق تكنيك التوعية المبكرة مع ابنه فأخذه لمعرض العنف والمخدرات، وجعله يشاهد أنواع المخدرات وأدوات العنف حتى صار يتحدث بما شاهده لأصحابه وأهله لسنوات، بل وتطور حاله حتى صار يساعد الإدارة المدرسية بإخبارهم بمن يتناول حبوب الهلوسة بمدرسته،
التطرف الثالث: التطرف التكنولوجي:
بأن يكون مدمنا على الأجهزة والألعاب أوبرامج التواصل الاجتماعية مع الآخرين في المجتمع الافتراضي، ويمكن علاج هذا النوع من التطرف بضبط وتحديد مواعيد استخدام التكنولوجيا بحسب عمر الطفل. قال: شكرا لك على هذه الإجراءات العملية والتربوية، قلت: وعلى رأس هذه الإجراءات (الدعاء) بأن تدعو لولدك، فدعوة الوالد لولده مستجابة.
أقراء ايضاً:
41 سؤالاً تساعد ابنك على فهم ذاته
الغيرة بين الأبناء.. متى ولماذا
0 التعليقات:
إرسال تعليق