سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي شاء الله تعالى أن تحفظ وأن تصل الي الاجيال المسلمة وغير المسلمة من بعده هي في حقيقة ألامر منهج متكامل للحياة أتصور ان الحكمة البالغة منها ان تقراء وتدرس لتطبق عملياً ويستفاد منها لادارة الحياة على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام للامة
المؤلم أن ألامة للاسف جانبت الصواب في ألاستفادة من هذا النور الرباني الذي وصلنا عن طريق نبيه ومصطفاه عليه الصلاة والسلام فادّعى اكثر المسلمين حبهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم ولكن حين نتأمل الواقع نرى البون الشاسع بين الاقوال وبين الافعال الداله على صدق زعمهم .
والاكثر ايلاماً ان تجد ممن هم مهتمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والحريصون على اتباعه وتطبيق سنته لايجيدون التوازن المطلوب بين حفظ اقواله وتطبيق افعاله فالأصل أن تتحول سنته الي فعل وحركة وسلوك في الواقع لتؤثر وتغير كما اثر وغير رسول الله فيمن حوله قبل وبعد بعثته.
استوقفني هذا النص من سيرة المصطفى وانا اقراء واتأمل سيرته العطره قبل سنوات حين لخصت ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها المشهد الذي يجب ان يكون عليه المسلم وان تكون عليه الامة في مجموعها لتحدث التغيير الحقيقي المنشود بل والواجب عليها لتكمل مشوار ايصال رسالة الاسلام الي الناس جميعاً الذي بداءه النبي محمد عليه الصلاة والسلام
لنتأمل معاً هذا الحوار الذي دار في بيت النبوة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين رفيقة دربه الاولى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وارضاها حين رجع من غار حراء ترتجف بوادره بعد ان رائ جبريل عليه السلام لاول مرة فهاله الموقف فقال لها زملوني زملوني ففعلت حتى ذهب عنه الروع سألته مالذي حصله له فأخبرها خبر جبريل وقال لها: "خشيت على نفسي"
فقالت: له رضي الله عنها: " كلا والله لا يخزيك الله ابداً فوالله انك لتصل الرحم وتصدُق الحديث وتحمل الكلّ وتُكسب المعدوم وتقرئ الضيف وتعين على نوائب الحق"
تسألت حينها:
- لماذا اقسمت خديجة رضي الله عنها بكل ثقة أن الله لن يخزيه ابداً من أين جاءت بكل هذا اليقن أهي مجاملة منها للرسول صلى الله عليه وسلم لتُهداء من روعه وتجبر خاطره ام أنها علمت عنه ما يجعلها تثق كل هذه الثقة ؟...
- لماذا لم تذكر خديجة رضي الله عنها عبادة النبي صلى الله عليه وسلم الشخصيه لم تذكر تحنثه في الغار خلوته بربه؟
فقد كان حديثها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم عن أفعاله مع الاخرين وعن سلوكه مع غيره وعن ما يقدمه للغيره ممن هم حوله من الناس أقسمت رضي الله عنها ان الله لن يخزيه ابداً ثم ذكرت ألاسباب التي جعلتها واثقة من قولها :
- انك لتصل الرحم ... اي تهتم بالارحام من اهلك تصلهم ولا تقطعهم
- تصدُق الحديث ... اي لا تكذب في تعاملك مع الاخرين ولا تخادعهم
- تحمل الكلّ ... اي تعين الضعيف الذي أعجزته الايام والليالي
- تكسب المعدوم ... اي انك مفطور على السخاء والجود والكرم فتعطي ذوي الحاجة المعدمين
- تقرئ الضيف ... اي تكرمه اذا نزل بك
- تعين على نوائب الحق ... اي يدك ممدودة لتقديم الخير للاخرين في كل وقت وعلى كل حال
تأكد لي حينها ... أن خديجة رضي الله عنها عرفت ما جهلناه نحن او بالأصح تجاهلناه وهو أن القيمة الحقيقة للمسلم عند الله تتمثل فيما يقدمه للاخرين من خلال سلوكه وتعامله معهم هل هو ممن يصل رحمه ويصدق الحديث ولايكذب في تعامله هل هو ممن يعين الضعيف اذا اعجزته الايام هل يتلمس حاجة المحتاج بقدر استطاعته كيف هو في بيته وبين اهله وأبنائه كيف هو مع جيرانه مع اصدقائه ... بأفعاله وليس فقط بأقواله ... "فالدين المعاملة" كما يقال
اختم بهذا الحديث العجيب عن رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي بين فيه قيمة السلوك الايجابي مع الاخرين وان كان حقيراً في نظر الناس فهو عند الله عظيم قال: ( مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ )
السؤال المهم:
كم نحينا انا وانت من الشؤائب عن طريق الاسلام والمسلمين ...
ام كنا عقبة امام هذا الدين حتى يصل الي الناس بسوء تعاملنا وسلوكنا مع الأخرين المسلمين وغير المسلمين ...
كل منا يسأل نفسه فهو اعلم بها
0 التعليقات:
إرسال تعليق